قصة بائعة الخبز
قصة حدثت في تونس..
تبدأ القصة من معلم ذو انسانية
يقول المعلم:
كنت معلما ادرس الطلبة في مدرسة ريفية في منطقة نفزة في تونس وفي كل يوم كنت أرى خارج القسم جانب الشباك فتاة مسكينة وجميلة تكسوها البراءة وتبيع الخبز في الصباح
وعندما سئلت الناس عن حالها؟...
فقالوا: انها فتاة مسكينة ميسورة الحال وقد انتقطعت عن التعليم بسبب الوضع المادي لأسرتها فلديها أربعة أخوة صغار، و والدهم متوفي وهي تسهم مع أمها في مصاريف معيشتهم ببيع الخبز عند المدرسة..!!
يقول المعلم:
كنت في أحد الأيام أشرح درساً في الحساب وبائعة الخبز تتابعني من شباك القسم وهي في الخارج
فسألت سؤالاً صعباً وخصصت له جائزة قيمة!
ولم يجب عنه أي تلميذ....
وما لبثت ان تفاجأت بأن بائعة الخبز تؤشر بأصبعها من خارج الشباك وتصرخ سيدي! سيدي! سيدي!
فأذنت لها بالإجابة !
فأجابت.. وكانت إجابتها صحيحة..!!
يقول المعلم:
انذهلت من الاجابة كانت الاجابة دقية جدا
ومنذ ذلك اليوم عاهدت نفسي بأن اتكلف برعايتها وبكل مايلزمها من مصاريف على نفقتي ومن راتبي القليل وعلى قدر ما أستطيع من أمور بسيطة تساعدها على التعلم.
وذهبت إلى مدير المدرسة على أن يتم اعادة تسجيلها بالمدرسة والحمداللة وافق مدير المدرسة!
وكانت المفاجأة في نهاية السنة عندما ظهرت نتائج الاختبارات وكانت هي الأولى على المدرسة ..!!
وسارت على هذا النهج برعايتي وإشرافي اليومي عليها الى أن أوصلتها بفضل الله للمرحلة الثانوية ..
الأمر المؤسف تم نقلي لمسقط راسي في مدينة سوسة ولم يكن هناك هواتف في ذلك الوقت لكي أواصل متابعة أخبارها وانقطعت صلتها بي لمدة 20 عاماً!!
وبعد غياب 20 عاماً صادف أن ذهبت مع صديقي الي العاصمة وكان لديه إبن يدرس بكلية الطب بتونس فطلب مني أن أرافقه للجامعة !!
وفي أثناء دخولي إلى الجامعة مع صديقي استرحت بعض الوقت في الكافتريا فإذا بامرأة على قدر من الجمـال تحدق بي بشوق وقد تغيرت معالم وجهها عندما رأتني وأنا لا أدري لماذا تحدق بي بهذا التأثر؟
فسألت إبن صديقي إن كان يعرف هذه المرأة وأشرت إليها خفية؟
فأجابني: نعم بالطبع اعرفها إنها البروفيسورة التي تدرس طلاب كلية الطب .
فسألني: هل تعرفها يا عمي ..؟
قلت: لا ولكن نظراتها لي غريبة جداً!!
وفجأة وبدون مقدمات جرت هذه المرأة نحوي و احتضنتي وعانقتني وهي تبكي بحرقة وبصوت لفت أنظار كل من كان بالكافتيريا !!!
وظلت تحضنني لفترة من الزمن دون مراعاة لأي اعتبار وظن الجميع أني والدها..!
وهي تجهش بالبكاء وتقول لي : ألا تذكرني يا أستاذي ..؟
أنا البنت التي كانت حطام إنسانة، وانت صنعتَ منها إنسانة ناجحة..!!
أنا البنت التي كنت السبب في رجوعها للمدرسة وصرفت عليها من حر مالك حتى وصلت إلى ما وصلت إليه !!
وذلك بفضل الله ثم رعايتك وإهتمامك وموقفك الإنساني الفريد
أنا إبنتك لمياء ( بائعة الخبز )..!!!
وفي هذه الاحظة فكدت أن أقع مغمياً علي من دهشتي وشدة تأثري من جانب وفرحي بها من جانب آخر..!
ووالله بكيت كثيراً عندما تذكرت كيف كانت.. ؟!! وكيف أصبحت على ما هي عليه اليوم ..؟!
ثم دعتني أنا والذين معي من الزملاء إلى منزلها وأخبرت أمها وإخوتها والموجودين عني وهي تتحدث عن المعلم الإنسان ..!!! الذي ساندهم وكان سبباً في تغيير مجرى حياتهم ..
فألقيت كلمة قلت فيها جملة واحدة وأنا أبكي :
( لأول مرة في حياتي أشعر أني معلم وأنساناً)
((عندما يكون المعلم انساناً))